کد مطلب:239409 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:209

تطویر نظریة الارث
و كان من جملة أسالیبهم فی ذلك أنهم غیروا و بدلوا فی السلسلة، التی كانوا یواجهون بها الناس فی تقریرهم لشرعیة خلافتهم من النبی (ص) ..



[ صفحه 75]



و ذلك لأنهم كانوا فی بدایة أمرهم یصلون حبل وصایتهم بأمیرالمؤمنین علیه السلام، ثم منه الی ولده محمد بن الحنفیة، ثم الی ابنه أبی هاشم، ثم الی علی بن عبدالله بن العباس، فالی ولده محمد بن علی، فابراهیم الامام، ثم منه الی أخیه السفاح [1] و هكذا .. هذا .. مع انكارهم لشرعیة خلافة أبی بكر و عمر، و عثمان، و غیرهم من خلفاء الامویین، و غیرهم ..

و یتضح انكارهم و تبرؤهم هذا من كثیر من النصوص التاریخیة .. فمن ذلك قصة أبی عون مع المهدی، التی ستأتی فی بعض هوامش هذا الفصل ..

و من ذلك أیضا قول أبی مسلم فی خطبته فی أهل المدینة فی السنة التی حج فیها فی عهد السفاح، قال : « .. و ما زلتم بعد نبیه تختارون تیمیا مرة، و عدویا مرة، و أسدیا مرة و سفیانیا مرة، و مروانیا مرة، حتی جاءكم من لا تعرفون اسمه، و لا بیته [یعنی نفسه] یضربكم بسیفه ؛ فأعطیتموها عنوة، و أنتم صاغرون، ألا و ان آل محمد أئمة الهدی، و منار سبیل التقی، القادة الذادة السادة الخ» [2] و تقدم قول داود ابن علی : « لم یقم فیكم امام بعد رسول الله الخ ..» .

و روی أبوسلیمان الناجی، قال : « جلس المهدی یوما یعطی قریشا صلات لهم، و هو ولی عهد، فبدأ ببنی هاشم، ثم بسائر قریش . فجاء السید [أی الحمیری]؛ فرفع الی الربیع حاجب المنصور رقعة مختومة و قال : ان فیها نصیحة للامیر؛ فأوصلها الیه . فأوصلها ؛ فاذا فیها :



[ صفحه 76]



قل لابن عباس سمی محمد

لا تعطین بنی عدی درهما



احرم بنی تیم بن مرة انهم

شر البریة آخرا، و مقدما



ان تعطهم لا یشكروا لك نعمة

و یكافؤوك بأن تذم و تشتما



و ان ائتمنتهم أو استعملتهم

خانوك، و اتخذوا خراجك مغنما



و لئن منعتهم لقد بدءوكم

بالمنع ؛ اذ ملكوا و كانوا أظلما



منعوا تراث محمد أعمامه

و ابنیه، و ابنته عدیلة مریما



و ثأمروا من غیر ان یستخلفوا

و كفی بما فعلوا هنالك مأثما



لم یشكروا لمحمد انعامه

أفیشكرون لغیره ان أنعما



و الله من علیهم بمحمد

و هداهم، و كسا الجنوب، و أطعما



ثم انبروا لوصیه و ولیه

بالمنكرات، فجرعوه العلقما



قال : فرمی بها الی عبدالله معاویة بن یسار، الكاتب للمهدی، ثم قال : اقطع العطاء ؛ فقطعه . و انصرف الناس . و دخل السید الیه ؛ فلما رآه ضحك، و قال : قد قبلنا نصیحتك یا اسماعیل .. و لم یعطهم شیئا» [3] .

و نری السید الحمیری فی مناسبة أخری ینشد المنصور أبیاتا یهجو بها سوارا القاضی، من جملتها :



ان سوار بن عبد

الله من شر القضاة



نعثلی، جملی،

لكم غیر مواتی [4] .



[ صفحه 77]



و یقول القاسم بن یوسف :



هاشم فخر قصی كلها

أین تیم و عدی و الفخار



لهم أید طوال فی العلی

و لمن ساماهم أید قصار



لهم الوحی و فیهم بعده

آمر الحق و فی الحق منار



و هم أولی بأرحامهم

فی كتاب الله ان كان اعتبار



ما بعید كقریب سببا

لا و لا یعدل بالطرف الحمار



الی أن قال :



خسر الآخذ ما لیس له

عمد عین و الشریك المستشار



و لفیف ألفوا بینهم

بیعة فیها اختلاط و انتشار



و رسول الله لم یدفن فما

شغل القوم اغتمام و انتظار



كان منهم قبل آل المصطفی

أن یلو الأمر حذار و نفار [5] .



الی آخر الابیات ..

و القاسم بن یوسف معاصر لكل من الرشید و المأمون، و توفی سنة 213 ه .

و كل ما ذكرناه یدل علی انكار العباسیین لشرعیة خلافة أبی بكر و عمر .. و مثل ذلك كثیر لا مجال لنا هنا لاستقصائه، و حسبنا هنا أقوال المؤرخین، فانها القول الفصل، و الحكم العدل ..

هذا ما كان فی بدایة الأمر .. أی أنهم كانوا یصلون حبل وصایتهم بعلی علیه السلام، و ینكرون شرعیة خلافة الثلاثة، ثم عدلوا عن ذلك بعد فترة .. و ذلك لما یتضمنه من الاعتراف بأن الوصایة كانت فی ولد علی علیه السلام .



[ صفحه 78]



فأسس المهدی فرقة [6] تدعی : أن الامام بعد رسول الله (ص) هو العباس بن عبدالمطلب، ثم ابنه عبدالله، ثم ابنه علی، ثم ابنه محمد .. و هكذا الی أن ینتهی الأمر الیهم .. هذا .. مع الاستمرار علی البراءة من أبی بكر، و عمر، و عثمان . و لكنهم أجازوا بیعة علی بن أبی طالب ؛ لأن العباس نفسه كان قد أجازها [7] و تسمی هذه الفرقة ب : « الراوندیة و الشیعة العباسیة » .

و لكننا لا نجد لهذه الفرقة أثرا فی عصر المأمون، لأن سیاسة الخلیفة قد اقتضت تجمید هذه المقالة، ولو لفترة من الزمان كما سنوضحه و علی كل حال فیقول منصور النمری یمدح الرشید و یشیر الی ذلك :



لولا عدی و تیم لم تكن وصلت

الی أمیة تمریها و ترتضع



ان الخلافة كانت ارث والدكم

من دون تیم، و عفو الله متسع [8] .



[ صفحه 79]




[1] تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 173 ، و مروج الذهب ج 3 ص 238، و وفيات الأعيان ج 1 ص 455 ،454، طبع سنة 1310، و امبراطورية العرب ص 406، و غير ذلك، و قد أشرنا الي أن هذه هي عقيدة الكيسانية، فراجع ... .

[2] شرح النهج للمعتزلي ج 7 ص 162 ،161.

[3] الأغاني ج 7 ص 16، طبع دار الفكر، و الغدير ج 2 ص 255 ،254، و الأدب في ظل التشيع ص 207، و مستدرك أخبار السيد الحميري للمرزباني ص 58، باختصار و ديوان السيد الحميري ص 378 ،377، نقلا عن الأولين، و عن : أعيان الشيعة ج 12 ص 178، و تاريخ الاسلام ج 2 ص 147، و تاريخ آداب اللغة العربية ج 2 ص 68 ،67.

[4] طبقات الشعراء لابن المعتز ص 34، و الأغاني ج 7 ص 261، و الغدير ج 2 ص 256.

[5] الأوراق للصولي ص 180، و أخبار شعراء الشيعة للمرزباني ص 109 - 108.

[6] هذا .. و لكن الذي يبدو هو أن صاحب الفكرة الحقيقي هو المنصور . كما يظهر من رسالته لمحمد بن عبدالله بن الحسن، و من كثير من كلماته، و خطبه .. و المهدي كان هو المنفذ لها، و المخرج من عالم القوة الي عالم الفعل .. بل لقد سار المنصور في اشاعة هذه الفكرة، و تركيزها شوطا بعيدا، حتي لقد تقرب اليه بها الشعراء ؛ فهذا السيد الحميري يقول - علي ما يرويه لنا المرزباني في أخباره ص 37 و يروي أيضا مكافأة المنصور المهمة له علي ذلك - يقول السيد :



يا رهط أحمد ان من أعطاكم

ملك الوري و عطاؤه أقسام



رد الخلافة و الوراثة فيكم

و بنوامية صاغرون رغام



لمتمم لكم الذي أعطاكم

و لكم لديه زيادة و تمام



أنتم بنو عم النبي عليكم

من ذي الجلال تحية و سلام



و ورثتموه و كنتم أولي به

أن الولاء تحوزه الأرحام



الي غير ذلك مما لا مجال لنا لتتبعه و استقصائه.

[7] فرق الشيعة للنوبختي ص 48، و49، و تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 173، و مروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 236 ، الا أن النوبختي ذكر أنهم لم يجيزوا حتي بيعة علي أيضا.

[8] طبقات الشعراء لابن المعتز ص 244، و الشعر و الشعراء ص 546.